شذرات الفقه طارت ، والمجلس الدستوري
في ضلال بعيد
في
التعليق على القرار 955 - 15 الصادر بتاريخ 13 جمادى الاولى 1436 الموافق ل 4 مارس
2015.

يأتي مفهوم القوانين التنظيمية
التي دائما ما نرى الدستور ناصا عليها ، في اطار ما يسميه البعض بكونها
قواعد مكملة للدستور، (ذ.مصطفى قلوش في مقاله : " التاصيل الدستوري
للقوانين التنظيمية، الجزء الثاني " وكذلك غيره. ) وهو ما نخالفهم فيه باعتبارنا
لها قواعد دستورية غير تامة.
و بغض النظر عن ما قد يُرتبه هذا السياق
من نتائج ، وهو ما سنحاول تخصيص مقال له في قادم الأوان يذهب د. مصطفى قلوش الى اعتبار
القوانين التنظيمية بمثابة تشريع يعطيها الدستور صراحة صفة " التنظيمية " ، التي ينتج عنها
مباشرة التقيد بمسطرة تميزها عن التشريع العادي ، من قبيل عدم جواز تداولها إلا
بعد مناقشتها في المجلس الوزاري بشكل اجباري في حالة المشاريع ، بالإضافة الى مرور
10 ايام قبل تداول مجلس النواب فيها ، فضلا عن ضرورة نظر المحكمة الدستورية فيها
وجوبا .
وبالمناسبة فنحن بهذا الصدد نقترح
وضع تعليق موجز على قرار المجلس الدستوري رقم 955 الذي
تم اصداره بتاريخ 13 جمادى الاولى 1436 الموافق ل 4 مارس 2015. والذي اتى مضمونه بالنظر
في دستورية مشروع القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال
الحكومة والوضع القانوني لأعضائها. كل ذلك على أمل الوقوف عند بسيط و كبير الهفوات
التي وقع فيها المجلس الدستوري لغاية التقويم والتنبيه لا لهدف الإذلال والتحقير.
وعموما يمكن تسليط الضوء على هذا القرار
انطلاقا من كشف خباياه بالعودة الى الأعلامين التاليين :
الاعلام الاول :
تقويم السهو البسيط في القرار 955-15
.
وفيه ، مظاهر شتى نقصر النظر عند
اثنين ، كما في الاتي :
الافصاح الاول : سهو الصفة.
جاء في بداية القرار 955 - 15 ما يلي
: "بعد اطلاعه على القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال
الحكومة والوضع القانوني لأعضائها ، الذي أحاله إليه رئيس الحكومة رفقة كتابه
المسجل بالأمانة العامة للمجلس الدستوري في 18 فبراير 2015 ، وذلك من أجل البت في
مطابقته للدستور. "
هذا وقد
جاء فيه ايضا : " وحيث إن القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال
الحكومة والوضع القانوني لأعضائها ، المعروض على نظر المجلس الدستوري ، "…
ومَكْمَنُ سهو الصفة في هذا القول متجلي في ان اعضاء
المجلس الدستوري ، نسبوا صفة القانون التنظيمي لما لم يصل بعد الى درجة القانون
التنظيمي. ذلك ان الاعضاء ظنوا انهم بتوا في قانون تنظيمي في حين حقيقة الامر تفرض
بتهم في مشروع قانون تنظيمي.
والفرق
بين التعبيرين لا يحتاج الى توضيح كثير لفهمه ، ذلك ان القانون التنظيمي يُفترضُ
وجوده بعد مروره بمسطرة قانونية الزامية تحددها مقتضيات الفصل 49 (العرض على
المجلس الوزاري) والفصل 85 (اسبقية البت والتصويت النهائي داخل البرلمان) والفصل
132 في فقرته الثانية من الدستور المغربي (العرض الاجباري على المحكمة الدستورية) .
و اثناء اي مرحلة في هذه المسطرة، فنحن نكون امام مشروع او مقترح قانون اتنظيمي،
وليس قانون تنظيمي في حد ذاته .
وقد يسأل البعض ، فيقول انت لم تذكر إمكانية
اصدار الامر بالتنفيذ التي ينص عليها الفصل 50 من الدستور ، بمعنى هل يتم اعتماد
اقتراح القانون التنظيمي بمجرد صدوره من المحكمة الدستورية ، دون اصدار الامر
بتنفيذه من طرف الملك؟
وقبل الاجابة على هذا السؤال ، فحري بالذكر
القول ان الفصل 50 سواء في فقرته الاولى او الثانية هو فصل لا يتحدث الا عن
القوانين العادية اذا ما علمنا حسب التعريف الذي تقدمنا به اعلاه ان صفة القانون
التنظيمي يمنحها الدستور فقط ، وبالتالي فمقتضيات هذا الفصل لا يمكن اخذها
وتطبيقها على القوانين التنظيمية. وهو ما يفتح امامنا باب العرف الدستوري الذي تم
ترسيخه ، و المطابق تماما للفصل 50 من الدستور .. وهو عرف غير سليم من حيث الاثار
التي قد ينتجها في بعض الحالات... هذا مع العلم بان الاستاذ مصطفى قلوش يعتبر مثل
هذه الاخطاء ، مجرد كناية يستعملها كثيرا المشرع الدستوري .
وعموما ، فبهذا الاعتبار أمكن القول بان ما تناوله المجلس الدستوري
لازال في مرحلة مشروع قانون تنظيمي ، لان المسطرة الخاصة للقوانين التنظيمية لم
تكتمل بعد ، ومع ذلك فنحن سندخل هذه النقطة في باب السهو الذي تعرض له اعضاء
المجلس الدستوري.
الافصاح الثاني : سهو الاحالة.
وإدراكه
في هذا القرار أتى على صورتين :
المظهر الاول : في الاحالة الى
الفصل 78 من الدستور .
وبخصوص هذا المظهر يأتي اعضاء المجلس الدستوري بالقول التالي :
" وقام السيد
رئيس الحكومة ، وفقا لأحكام الفقرة
الثانية من الفصل 78 من الدستور ، بإيداعه بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب بتاريخ
24 أكتوبر 2013."
والشاهد
هنا يمكن ادراكه ، إذا ما عرضنا للفصل 78 من الدستور في فقرته الثانية لنعلم ما
إذا كان يتطابق ومقام الاستشهاد به من طرف المجلس الدستوري.
وعليه
فان الفصل 78 في فقرته الثانية ينص على الاتي : " تودع مشاريع القوانين بالأسبقية
لدى مكتب مجلس النواب ، غير ان مشاريع القوانين المتعلقة ، على وجه الخصوص ،
بالجماعات الترابية وبالتنمية الجهوية، وبالقضايا الاجتماعية ، تودع بالأسبقية لدى
مكتب مجلس المستشارين ."
وانطلاقا من هذه المقتضيات يبدوا ان المجلس الدستوري ، قد وضع تأويلا واسعا
للفصل 78 ليضم بذلك القوانين التنظيمية الى جانب القوانين العادية ، فتكون النتيجة
بذلك ان القوانين العادية و التنظيمية حسب الفصل يخضعان معا لقاعدة مبدا واستثناء ،
المبدأ او الاصل ان مجلس النواب يبت بالأسبقية في كل القوانين العادية والتنظيمية ،
والاستثناء ان لمجلس المستشارين الحق في البت بالأسبقية في ما يخص المسائل الثلاث المشار
اليها في الفصل المذكور سواء كانت قوانين تنظيمية او قوانين عادية. ولعل هذا
بالذات ما اقره المجلس الدستوري بشكل صريح انطلاقا من إقراره بدستورية المادة 85
من النظام الداخلي لمجلس المستشارين حيث اتى فيها مايلي :
" يتداول مجلس النواب ومجلس
المستشارين في مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية بغية التوصل الى المصادقة على
نص واحد، وذلك وفق الشروط والمساطر المنصوص عليها في الفصول 78 و84 و85 من الدستور
ومواد هذا النظام الداخلي المتعلقة بمناقشة مشاريع ومقترحات القوانين، مع الاخذ
بعين الاعتبار المقتضيات التالية :
يتداول مجلس المستشارين في مشاريع
القوانين التنظيمية المودعة لديه بالاسبقية، وفي مقترحات القوانين التنظيمية
المقدمة بمبادرة من اعضائه، خاصة تلك المقدمة بمبادرة من اعضائه، خاصة تلك المقدمة
من طرف فرق المعارضة، طبقا للفصل 82 من الدستور.
كما يتداول في صيغة مشاريع
ومقترحات القوانين التنظيمة المحالة عليه من مجلس النواب ، بغية التوصل الى
المصادقة على نص واحد .
ولا يتم التداول في مشاريع ومقترحات القوانين
المودعة لدى مجلس المستشارين بالاسبقية، الا بعد مضي عشرة ايام على وضعها لدى
مكتبه، واحترام المسطرة المشار اليها في الفصل 84 من الدستور. "
ان هذا التأويل
لا يمكن التسليم به ، لعدة معطيات ، اولها انها تخالف المغزى من اقرار القوانين
التنظيمية في الدستور ، والذي قلنا فيه ونحن في كامل الاتفاق مع الاستاذ مصطفى
قلوش، في ان صفة "التنظيمية " لا يمنحها الا الدستور لمجموعة معينة من
القوانين العادية. وثانيها ان هذا التأويل يتعارض ومضمون الفصل 85 من الدستور الذي
يقرر بشكل استثنائي المسطرة التشريعية للقوانين التنظيمية. بقَصْرِ حق الأسبقية
لمصلحة مجلس النواب.
هذا وتجدر الاشارة الى ان هذا التأويل الذي قدمه
المجلس الدستوري بامتداده الى المادة 84 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين ، قد وصل
درجة لم يعد فيها المجلس الدستوري قادرا على التراجع الى درجة نسب فيها اسبقية البت
له فضلا عن اجل عشرة ايام الى مجلس المستشارين وهو امر لا نجده بتاتا في الدستور ..
وبناء على ما سبق ، يظهر لنا ان استشهاد
المجلس الدستوري بالفصل 78 لا يدخل في باب الاستشهاد السليم ، بل يبقى فيه محل
السهو حاضرا بشكل قوي، إذ ان استشهاده كان ليهم الفصل 85 عوض هذا الفصل الذي
لطالما وصفناه بالفصل الزائد في الدستور لحجج كثيرة بيناها في مقالات سابقة .
المظهر الثاني :
في الاحالة الى المادة 48 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية رقم ..
وتعد أخطر
هذه المظاهر كلها. ذلك ان المجلس الدستوري – رغم تنبيهنا في مقال: كشف المستور في
قرار المجلس الدستوري المغمور – لم يترك سنده في الاحالة الى المادة 48 من القانون
التنظيمي للمحكمة الدستورية بخصوص اثبات اختصاصه الحالي . وهو الامر الذي يظهر في ماجاء به القرار التالي :
" وبناء
على المادة 48 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس
2014)؛"
و أيضا جاء فيه :
"وحيث إن المجلس الدستوري، القائم حاليا، يستمر في ممارسة صلاحياته
إلى أن يتم تنصيب المحكمة الدستورية ، عملا بأحكام الفصل 177 من الدستور ومقتضيات
الفقرة الأولى من المادة 48 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية التي
جاءت تطبيقا له ، مما يكون المجلس الدستوري بموجبه مختصا بالبت في مطابقة القوانين
التنظيمية للدستور ."
ومن أجل التوصل للتأويل
الذي نظنه يعانق الصواب في هذا الباب ،
نرى بضرورة تطبيق القاعدة التالية ، "الاصل ان التعديل لا يقع الا بنص،
ومالم يقع بنص فهو شيء جديد." ومفادها ان ما حدث في 2011 هو عبارة عن
مراجعة دستورية ، وليس بدستور جديد كما يشيد بذلك الفقيه مصطفى قلوش ، نظرا لكون
هذا التصرف الدستوري قد وقع تطبيقا لأحكام مراجعة الدستور المقررة في التعديل
الدستوري لسنة 1996. والذي يترتب عن هذا التصور ان المؤسسات والقوانين بما فيها القوانين
التنظيمية التي تم وضعها قبل تعديل 2011 سوف يتم العمل بها بعد هذا التاريخ ، في
حدود ما لا يخالف المقتضيات الدستورية الجديدة ، بمعنى ان القوانين التنظيمية التي
كانت موجودة قبل تاريخ التعديل ، لا تعتبر لاغيه بشكل كلي بمجرد انتهاء وفناء التعديل
الدستوري السابق الذي وُضعت بناء على ما يقرره ، بل تمتد الى المجال الزمني لتطبيق
تعديل عام 2011 ، فتخضع بذلك مقتضياتها المتفقة مع التعديل الاخير لكل ما يقرره
التعديل الجديد. وهذا على خلاف ما قد يترتب في حالة تبني اعتبار التصرف الدستوري
لسنة 2011 بمثابة دستور جديد .
وبربطنا هذا
المنطلق بالقرار 955-15 يمكن أن نستنتج ان المجلس الدستوري (وهو الذي أُحدث بناء
على مراجعة 1996) كمبدا عام من حقه ان يبت في أي مسألة واردة في التعديل الدستوري
الحالي . هذا لو لم يكن التنصيص الدستوري في الفصل 177 قد حصر اختصاصه فيما كان
منصوصا عليه في ظل مراجعة 1996 والقانون التنظيمي للمجلس الدستوري الذي أتخذ في
اطار نفس التعديل ، وهو ما يعني ان أي مسألة تم تعديلها بموجب مراجعة 2011 - وهي
تدخل في مجال اختصاصات المجلس الدستوري ، سواء بطريقة الحذف ، او بطريقة التعديل بالإضافة
( وهو الذي يهمنا في هذا المقام ، لأن القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير
اشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها. تمت اضافته كقانون تنظيمي في ظل المراجعة
الدستورية الاخيرة) - تكون في حكم لا يجوز للمجلس الدستوري ان يبت فيهما بناء على
الفصل 177 من الدستور. وهذا ما يجعله من جهة يقتصر على المسائل التي لم يطلها أي
تعديل بالإضافة او بالحذف ، ومن جهة اخرى غير مختص في البت، فتكون احالته على
الفصل 177 والتي تتأسس عليه المادة 48 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية بمثابة
سهو لم يكن ينبغي على المجلس الدستوري أن يقره في هذا القرار الذي نتناوله
بالبحث والتحليل.
هذا وتجدر الاشارة
الى ان الاخذ بموقف ان ما وقع في 2011 ، (وهو ما يأخذ به الفقيه مصطفى قلوش .) هو
دستور جديد سيؤدي بنا الى وضع تأويل واسع وغير محدود للفصل 177 من الدستور ، بحيث
لا يشمل مضمونه عدم اختصاص المجلس الدستوري في مسائل التعديل بالحذف او بالإضافة
فقط ، بل يشمل ايضا المسائل التي لم يَطلها أي تعديل ، على اعتبار ان دستور 2011
هو دستور جديد ، وان الدستور الجديد يلغي ما قبله باستثناء ما قد تُورده الاحكام
الانتقالية بشكل صريح ، فيكون بذلك المجلس الدستوري بصريح نص الفصل 177 غير مختص
على الاطلاق .
وما يُحمد ذكر في
اخر هذا الإفصاح ، أن أصل الخلاف ، يُمْكِنُ تَعَرفه على مستوى اعتبار احكام
المرحلة الانتقالية إما بمثابة احكام استثنائية يجب النص عليها لتحديد ما يجب ان
يستمر مفعوله في مجال تطبيق الدستور الجديد ، وهذا رأي استاذنا. " فالأحكام
لا تستمر إلا اذا نص الدستور على ذلك صراحة ."
او إما بمثابة
أحكام لا تحتاج الى التنصيص عليها لإثباتها ، وأن ما يُنَص عليه في الدستور من
احكام انتقالية لا تعدو ال ان تكون مجرد قيود على اصل استمرارية الاحكام. " فالأحكام تستمر ولو لم ينص عليها الدستور
صراحة ، ماعدا اذا أُبطلت قبل التعديل او
بعده ، بحكم الدستور. كأن يناقض المقتضى روح او احدى مقتضيات التعديل الجديد ، او
ان تنتهي مدة صلاحية مؤسسة او قانون معين ولو لم يناقض الدستور كحالة مجلس
المستشارين القائم حاليا ، او أن يرد نص جديد وصريح يستثنيه من الاستمرارية ، كما
في حالة قرارنا هذا ."
وهذا يمكن اعتباره حجة اضافية على ما ورد في مقال كشف
المستور بوصفنا فيها ان المجلس الدستوري غير مختص !
الاعلام الثاني :
ما يجهله الفقه و الأعضاء ، بخصوص ربط التعيين بحكومة تصريف الاعمال .
يعد القرار 955-15 ذي اهمية قصوى مقارنة مع
قرارات المجلس الدستوري الاخرى، ذلك ان المجلس الدستورى بنظره فيما أحاله عليه
رئيس الحكومة بناء على المادة 21 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية في 18
فبراير 2015 ، يكون قد بت في أحد اسمى القوانين التنظيمية التي نصت عليها المراجعة
الدستورية الاخيرة. (وفي ذلك اعتماد على القاعدة التالية، والتي بدورها
سنحاول تخصيص مقال قادم لزيادة توضحيها .. " التدرج في التمثيلية يقابله
التدرج في ما تصدره المؤسسات التمثيلية من حيث القوة القانونية.
فان تعذر اخذنا بعدد المتدخلين في الإعداد ، فان تعذر اخذنا بعدد المؤسسات التي
يطبق عليه ما تصدره هذه المؤسسات )
وعموما فان ما يهمنا بالتحديد في هذا الأعلام هو توضيح كيفية تعامل الدستور
مع مسالة تصريف الامور الجارية التي تقوم بها الحكومة بناء على مقتضيات الفقرة
الاخيرة من الفصل 47، والتي سيتم الاشارة الى كل ما يتعلق بها في القانون التنظيمي
المشار اليه في الفصل 87، وهو القانون التنظيمي نفسه الذي بت فيه المجلس الدستوري
في القرار الذي نتناوله الآن بالتحليل .
·
وعليه فما التأويل السليم الذي يمكن تقديمه للفصول
الدستورية المتعلقة بحكومة تصريف الامور الجارية ؟
·
وهل القانون التنظيمي رقم 65-13 والمجلس الدستوري في
قراره 955-15، قد وافقا او جانبا الصواب، بخصوص رأيهما ؟
الافصاح الأول : التأصيل الدستوري
لنهاية عمل حكومة تصريف الامور الجارية .
جدير بالذكر ان مناولتنا لهذا الموضوع
ليست بأول مرة، اذ سبق وان قمنا بشيء من التدقيق المركز في مقال سابق لنا تحت
عنوان : " مخابر ومناظر حالة الاستثناء في التعديل الدستوري المغربي الاخير،
ص 35. " لذلك فسنحاول ان ناتي في هذا المقام على اهم الافكار التي تساعدنا
على الفهم السليم لهذه الحالة الخاصة، متبعين في ذلك منهجيتنا المعتادة في تقديم
النص ومن ثَم وضع التاويل .
وعليه
فتنص الفقرة الأخيرة من الفصل 47 على مايلي : " تواصل الحكومة المنتهية
مهامها، تصريف الامور الجارية الى غاية تشكيل الحكومة الجديدة. " .
وانطلاقا من هذا المعطى، يمكن ان نستنتج ان حكومة تصريف الامور الجارية هي
كل حكومة يقع تواجدها الزمني بين مدة انتهاء ولايتها الدستورية كحكومة عادية (وهذا
الإنتهاء له نوعين : انتهاء طبيعي، ويقع بانتهاء مدة الولاية الحكومية المقررة في
خمس سنوات، أما النوع الثاني، فهو انتهاء ظرفي او عارض يكون بانتهاء مدة العمل
الحكومي نيجة ظرف معين، كسحب الثقة من البرلمان أو استقالة رئيس الحكومة...) من
جهة، وتشكيل الحكومة الجديدة من جهة ثانية، من أجل تولي مهام المرحلة الانتقالية
التي يكون الهدف منها هو تأمين الوضعية قبل دخول الحكومة الجديدة حيز الوجود
الدستوري .
فاذا كانت بداية سريانها لا تطرح اية مشكلة من حيث التحديد، فان الامر عكس
ذلك تماما في ما يخص نهاية عملها، الذي حدده الدستور بعبارة التشكيل، وهي عبارة
غامضة على ما سناتي عليه في الاتي :
يرجع اصل غموض عبارة التشكيل، الى امكانية انصرافه الى معنيين لا ثالث
لهما، إذ ان القراءة المتمعنة في ذات الفصل 47 تقر بربط التشكيل بالحكومة
الجديدة. هذه الاخير التي لا تستقيم كما قلنا بذلك سلفا الا بتواجد تعيين ملكي
يتبعه مباشرة تنصيب برلماني. وهو ما يعني ان عبارة التشكيل محصورة بين هذين الركنين.
الفرض الاول : التشكيل هو
التعيين.
إن الافتراض بكون مفهوم التشكيل مقرون بمفهوم التعيين أمر يترتب عليه تقلص
الآجال الذي ينبغي فيه على حكومة تصريف الامور الجارية ان تمارس اختصاصاتها فيه، مقارنة
مع افتراض كون التنصيب بمثابة التشكيل .
وبالتالي فإن المدة التي تمارس فيها الحكومة، الأعمال
الجارية، تبتدأ مع إنتهاء الولاية التشريعية لمجلس النواب (وتبلغ خمس سنوات كما
يبين الفصل 62 في فقرته الاولى، وهذا في حالة الانتهاء الطبيعي) الذي انتخبها، الى
غاية إفراز مجلس النواب الجديد أغلبية جديدة، يعين الملك فيها رئيس الحكومة
الجديدة من الحزب المتصدر للانتخابات، فضلا عن تعيينه لأعضاء الحكومة كما هو
مُوضَّحٌ في الفقرة الاولى والثانية من الفصل 47. وهو ماسينتج عنه احدى النتيجتين
:
النتيجة الاولى : ويأخذ بها انصار فكرة ان الحكومة لا تحتاج الى تنصيب
برلماني كي تمارس مهمتها ، ومؤدى هذه النتيجة ان التعيين يرتب أثرين :
الاثر الاول : انه يحد او يشكل الاعلان عن انتهاء الامتداد الزمني
لحكومة تصريف الامور الجارية.
الاثر الثاني : انه يبدأ او يشكل مستهل حكومة جديدة، تمارس اختصاصها
الطبيعي.
النتيجة الثانية : وهي التي يأخذ بها الفقيه مصطفى قلوش، في قوله التالي :
"... فالحكومة وقت تعيينها من قبل رئيس الدولة، وقبل الحصول على ثقة
البرلمان، تكون شبيهة بالحكومة التي سحبت منها الثقة، بحيث يقتصر عملها الى حين
الحصول على تزكية البرلمان على مجرد إصدار القرارات الكفيلة بتسيير العمل اليومي
للحكومة. " ( د. مصطفى قلوش، النظام الدستوري المغربي، مكتبة دار السلام
للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة، ص 225.)
وعليه فالفرق بينهما يُدرك من حيث الأثر
،اذ يترتب عن النتيجة الثانية ما يلي :
الاثر الاول : ويشترك فيه مع النتيجة الاولى ، بحيث ان مجرد تعيين
حكومة جديدة، فان ذلك يعني مباشرة ان حكومة تصريف الاعمال قد انتهى امتدادها
الزمني. لانه " لا يمكن لأميران ان يحكما بلدة واحدة في نفس الزمان "
الاثر الثاني : وفيه تختلف النتيجتان
بحيث ان الحكومة المعينة والجديدة في هذه النتيجة ، لا تمارس اختصاصها الطبيعي كما
في النتيجة الأولى ، بل تكتفي فقط بممارسة ما كانت حكومة تصريف الامور تمارسه.
واما عن حجج هذا الاتجاه –بصفة عامة- فلعل أولها مُدرك في ان الممارسة
العملية والفعلية لهذا الفصل إقتضت كون التشكيل المطروح في الفقرة الاخيرة من
الفصل 47 ، بمثابة تعيين ، بحيث أن تسليم الحقائب الوزارية من طرف حكومة السيد
عباس الفاسي السابقة لفائدة حكومة السيد بنكيران، لم يقع الا مباشرة بعد التعيين
الملكي .
أما من
جهة أخرى، فالحجية الثانية لهذا الإتجاه، قد ندركها من خلال ان الفصل 47 الذي وردت
فيه عبارة التشكيل لا يمكن فهمها إلا بالتعيين، لعلة واحدة هي "ضرورة فهم
المجهول بسياقه "، إذ ان الناظر في المضمون ، والمتفحص لشكل الفصل 47 يتوصل
بشكل مباشر الى أنه فصل يتحدث فقط عن " التعيين " دون التنصيب ، لذلك
فإن مقصد المشرع الدستوري أثناء صياغته لعبارة التشكيل في نفس الفصل لم تكن لتنصرف
خارج سياقه فيكون المعنى منها بذلك "التعيين" لا غير .
الفرض الثاني : التشكيل هو التنصيب
.
أما اذا افترضنا كون التشكيل هو التنصيب - وهو ما نرجحه - ، فهو على العكس
يرتب تمديد الآجال الذي تمارس فيه حكومة تصريف الامور الجارية اختصاصاتها الدستورية
مقارنة مع الاتجاه الاول . (وهذا التمديد لا يجوز ان يتعدى في ابعد تقدير مدة سنة،
ولو تم التشبت بأحكام البند الاخير من الفصل 98 من الدستور. وفي هذه النقطة تفصيل
ممل سوف نتطق له باذن الله في مقال قادم في مضمون العملية الرياضية في الدستور.)
وعن منطلقنا
لتبيان هذا الرأي يمكننا القول بان حكومة تصريف الأمور الجارية لا تنتهي مدتها الا
بعد تنصيب مجلس النواب للحكومة المعينة الجديدة وهو مايعني ان اي تماطل في عملية
التنصيب الثاني سيكون لمصلحة الحكومة
الاثر الاول : وفيه جوهر الخلاف مع أنصار الفرض الاول، حيث نرى بان اكتمال
مسطرة التنصيب هو بمثابة نهاية لحكومة تصريف الامور الجارية. مع العلم ان الحكومة المعينة
الجديدة ليس من حقها وبالإطلاق ممارسة اي صلاحيات كيفما كانت، وذلك لان اصل وجودها
يحكمه ركنين اثنين هما التعيين و التنصيب.
وأما عن
اصل الخلاف ، فراجع بالنسبة للآخذين بالنتيجة الأولى الى أخذهم بفكرة التعيين كركن
وحيد لتستكمل الحكومة تواجدها ، وان تنصيب الغرفة الاولى لا يعدوا الا يكون شرط
صحة لا غير. وهم بهذا أبعد الاتجاهات الى ما وصلنا اليه ، و اما عن اقربهم فهم
انصار النتيجة الثانية ، إلا ان اصل الخلاف رغم أخذهم كذلك بفكرة الركنين ، كامن
في الاساس في عدم إطلاقهم للحظر من ممارسة اية صلاحيات من قبل حكومة التعيين قبل
تنصيبها، اي انهم يقسمون بين نوعين من الاختصاص ، اختصاص يطاله الحظر وهو الاختصاص
الطبيعي للحكومة، واختصاص لا يطله الحظر وهو اختصاص تصريف الأمور وهذا اصل الخلاف
بيننا .
الاثر الثاني : ويتحدد في ان مجرد حدوث تنصيب بشكل صحيح يقتضي وجود
تعيين قبله، فضلا عن احترام الاغلبية وموضوع التصويت وجهة البت، ذلك كله بمثابة
اعلان عن ميلاد حكومة جديدة من حقها ان تمارس اختصاصاتها الطبيعية كما هي محددة في
الدستور.
وبناء على كل ما سلف، فاننا يمكن الان الوقوف
ردا عن الحجج التي يمكن لأنصار الفرض الاول ان يقيموها كما اوضحناها وبينا في سابق
الكلام.
شذرة الفقه الاولى : ان اول ما يعاب على الأخذ بالرأي الاول هو انه امر سيجعل
من تنصيب الغرفة الاولى أمرا لاجدوى منه، هذا مع العلم ان التعديل الدستوري الاخير
قد اتى بمراجعة مهمة على مستوى الفصل 47 وهي عدم امكانية اقالة الملك للأساس وجود
الحكومة وهو رئيسها، لانه لم يعد يملك سلطة اختيارية تعيينه، وهذا ما يساير مدلول
مفهوم توازي الشكليات، والشاهد في هذا اذن ان الملك اذا كان يملك حقا لاحقا هو
تعيين رئيس الحكومة، فان مجلس النواب يملك حقا سابق لحقه رغم تقيده بحق الملك، لان
رئيس الحكومة في الاصل لا يمن للملك تعيينه الا بعد حصوله على الاغلبية في مجلس
النواب. وبالتالي فالثقة التي سيمنحها هذا الاخير للحكومة وفق الفصل 88 انما
بمثابة ركن اساسي وليس شرط صحة يمكن الاستغناء عنه .
شذرة الفقه الثانية : ومن جهة ثانية
يبقى رأي الاستاذ مصطفى قلوش مجرد رأي قد يُفرغ من محتواه، خاصة إذا علمنا بتناقضه
لمقصد الفصل 47 في فقرته الأخيرة التي تتحدث عن عبارة، " ..الحكومة المنتهية
مهامها..." وهي شرط لا يتوفر في الحكومة الغير منصبة، لأنها لم تمارس بعد اي
اختصاص كما يؤكد استاذنا.
أما عن الحجة المتعلقة بالممارسة العملية، فهي ايضا حجة مردودة على
أصحابها، وسنثبت ذلك انطلاقا من اجابتنا على السؤال التالي :
لماذا لم يدرج المشرع الدستوري هذه
الفقرة ضمن فصول الاحكام الانتقالية ؟
إن الاجابة عن هذا السؤال بصراحة سيجعل امر الرد على الحجة العملية امر
هينا وسهلا. حيث ان المشرع الدستوري لم يدرج هذه الفقرة ضمن الاحكام الانتقالية
لأنها مختلفة عن تلك الاحكام. ووجه الاختلاف كامن في ان الاحكام الانتقالية تقتضي
قيام هيئة او مؤسسة دستورية في ظل الدستور المنصرم، باعمال الهيئة او المؤسسة
المقابلة لها في الدستور الجديد الى غاية تأسيس هذه الاخيرة، أي ان هذا الأمر
يتعلق بدستورين، أحدهما قديم والآخر جديد .
بينما فقرتنا التي نتحدث عنها لا يرتبط مضمونها بنفس الغاية، بل يرتبط
الامر بحكومتين احدهما قديمة والاخرى جديدة في ظل دستور واحد هو الدستور الحالى
(2011). وهذا يعني ان الحكومة المنصبة في ظل الدستور القديم (حكومة السيد عباس
الفاسي) لا تخضع لمقتضى هذا الفصل، وبالتالي لايمكن اخذه كحجة للقول بان الممارسة
العملية اثبتت بان التعيين هو التشكيل، بل ان حكومة السيد بن كيران الحالية والمتجهة
الى الزوال هي من ستخضع لأحكام هذا الفصل، آنذاك امكن الحديث عن هذه الحجة التي
تناقض اصل الحقيقة ولو تم الاخذ بها.
وخلاصة القول ان الحالة التي بمقتضاها سنتجاوز كل هذه العيوب هو اعتبار
التشكيل تنصيبا. وبالتالي تقوم الحكومة المنتهية مهامها بممارسة اختصاصات تصريف
الامور الى حين تنصيب مجلس النواب لحكومة التعيين، كما انها ستمارسها لو حدث ان
وقع حل البرلمان من طرف الملك لمرات عديدة بحجة رفضه تنصيب حكومة التعيين كما هو
مقرر في البند الأخير من الفصل 98 من الدستور .
الافصاح
الثاني: موقف القانون التنظيمي رقم 65-13،
وقرار المجلس الدستوري رقم 955-15 من المجال الزمني لحكومة تصريف الاعمال .
وبخصوص هذا
الافصاح فاننا لن نجد اي تشرذم على مستوى القرار والقانون التنظيمي مادام الاول قد
ساير الثاني في توجهه بإقراره بدستوريته . وبالتالي فيمكن بسط موقف موحد لهما في
اطار منهجية تجزيئية تساعد على الفهم والتوضيح اكثر .
التلويح الاول : القرار
وبخصوص ما تناولنه
مسبقا في مسألة نهاية عمل حكومة تصريف الامور الجارية ، يمكن فهم موقف المجلس
الدستوري انطلاقا من المقتطف التالي من قراره 955-15 :
" وحيث إن القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير
أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها .. يتكون من 41 مادة موزعة على خمسة
أبواب، خصص الباب الأول منها لأحكام عامة.. والباب الرابع للقواعد الخاصة بتصريف
الحكومة المنتهية مهامها للأمور الجارية ومهام
الحكومة الجديدة قبل تنصيبها من قبل مجلس النواب (المواد 36 إلى 38)، والباب
الخامس والأخير لأحكام ختامية وانتقالية (المواد 39 إلى 41)؛
... لهذه الأسباب، يصرح (المجلس الدستوري) بأن
مقتضيات القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة
والوضع القانوني لأعضائها ليس فيها ما يخالف الدستور، مع مراعاة الملاحظة المتعلقة
بالمادة 37؛"
وعليه يمكن هنا لمح سقطة المجلس الدستوري من
ناحية التأصيل الفقهي، في اقراره بدستورية القانون التنظيمي الذي يضيف حكومة
التعيين الجديدة وصلاحياتها، والتي لا يدخلها الدستور اصلا في مجال هذا القانون
التنظيمي. فيكون بذلك المجلس الدستوري في
قراره قد جانب الصواب لكون القانون التنظيمي رقم 065.13 في بابه الرابع قد تضمن ما لا يجب ان يتضمنه فيكون بذلك قد ضل عن الطريق
الدستورية السليمة .
وأما عن القائلين بان سكوت الدستور في تحديد
اختصاصات الحكومة المعينة ماعدا ما يرتبط بإعداد البرنامج الحكومي ، امر لا يعني
ان الباب الرابع من القانون التنظيمي مخالف في الحقيقة للدستور مادام الدستور في
حد ذاته يتحدث عن وضعية ممكنة هي وضعية الحكومة المعينة ، اي ان هذه الوضعية امر
موجود في الدستور كما يظهر في الفصل 88 من الدستور. فان الرد على هذا القول يكمن
في انه حتى في الحالة التي نفترض فيها ان وضعية الحكومة المعينة الجديدة تقتضي
تخويل الاختصاص ضمنيا، ولو لم يصرح بها الدستور صراحة، فان ذلك سيدخل في مجال
اختصاص المراسيم، وليس في اختصاص القانون التنظيمي او حتى القانون العادي .
وتزول الغرابة عن قولنا هذا، عندما نعلم بان
القانون التنظيمي بالتعريف الذي قدمناه في اعلى المقال، يشكل استثناء على اصل هو
القانون العادي، وان هذا الاخير بموجب الفصل 72 يشكل استثناء من اصل اعلى هو
المراسيم، اي ان الدستور في الحالات التي ينص فيها صراحة على ان القانون التنظيمي
يجب ان يتضمن مسائل محددة، فان هذه المسائل لا ينبغي التوسع في فهمها من طرف واضع
ذلك القانون التنظيمي خشية التدخل
في مجال القانون او في مجال المراسيم المستقلة. وهو الخطأ الذي وقعت فيه الحكومة
في تقديم رئيسها لمشروع القانون التنظيمي الذي نحن بصدد بحثه، الى مجلس النواب بتاريخ 24 أكتوبر 2013، وهو نفسه ايضا لم تقع ملاحظته ايضا امام لجان مجلسي
البرلمان.
ويتمظهر هذا
التدخل اللادستوري، في ان القانون التنظيمي 065.13 في بابه الرابع اضاف عبارة " ومهام الحكومة الجديد قبل تنصيبها من
قبل مجلس النواب " على ما حصره الفصل 87 من الدستور مما يجب على القانون
التنظيمي المتعلق بقواعد تنظيم وتسيير اشغال الحكومة.. ان يشمله ويتضمنه .
وعليه فاذا لم تكن مسالة صلاحيات الحكومة
المعينة موضوعا يشمله القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير اشغال الحكومة، نظرا
لكون الدستور لاينص عليها صراحة، فنفس القول سنقوله بالنسبة للقوانين العادية، مما
سيجعل ذلك داخلا في ميدان اختصاص السلطة التنظيمية كما هو في الفصل 72 من الدستور
.
وبناء على هذه الحجة
وغيرها تكون المادة 38 من القانون التنظيمي 065.13 التي تنص على صلاحيات الحكومة المعينة الجديدة، مادة غير دستورية تجعل المجلس الدستوري قد اخطأ في اقرار دستوريتها من جهة، وتجعله
ايضا مخطأ في تصوره وتفسيره لعبارة "التشكيل" الواردة في الفصل 47 من
الدستور كما سنوضح في التلويح الثاني .
التلويح الثاني : القانون التنظيمي .
وبغض النظر عن مدى دستورية المادة 38 من القانون التنظيمي 065.13 المتعلق
بقواعد تنظيم وتسيير اشغال الحكومة، فان ما تطرحه هذه المادة من مقتضيات يعتبر
امرا منافيا للتفسير الصائب لعبارة "التشكيل" التي عرضنا للتصورات
الفقهيه التي تطرح تفسيرها.
وقبل ذكر اي شيء يمس هذه المادة، نقترح من باب
اولى عرض مقتضياتها من اجل توضيحها واللبس الذي فيها. وهكذا فانها تاتي على ذكر
مايلي : " تكلف الحكومة الجديدة، التي عينها الملك باقتراح من رئيس
الحكومة، طبقا لأحكام الفصل47 من الدستور، والتي لم تنصب بعد من قبل مجلس النواب،
بممارسة المهام التالية:
-
اعداد البرنامج الحكومي الذي يعتزم رئيس الكومة عرضه امام البرلمان.
-
إصدار قرارات تفويض الاختصاص او الامضاء اللازمة لضمان استمرارية المرافق
العمومية.
-
ممارسة الصلاحيات المشار اليها في الفقرة الاولى من المادة 37 أعلاه الى حين
تنصيبها من قبل مجلس النواب. " .
وعلى اساس هذا المعطى يظهر لنا جليا، ان مشرع هذا القانون التنظيمي يرى
انطلاقا من البند الاخير من نفس المادة ، ان المجال الزمني لحكومة تصريف الامور
الجارية يمتد من تاريخ نهاية الولاية الحكومية بشكل طبيعي الى حدود تعيين الحكومة
الجديدة. هذه الاخيرة التي تخول بشكل مباشر اختصاصات وصلاحيات حكومة تصريف الامور
الجارية الى غاية تنصيبها. فتكون المادة بهذا الرأي قد اتفقت و منظور ذ. مصطفى
قلوش، وهو تأويل طارت شذرته للأسباب التي سبق وان وضحناها اعلاه . هذا مع العلم ان القرار تسع مئة وواحد وثلاثين
المتعلق بقانون المالية لسنة 2014، قد اخذ فيه المجلس الدستوري باتجاه مناصري
التعيين الاحادي الجانب . مما يعني ان المجلس الدستوري لم ولن تسقر احكامه لى وزن
واحد مادام ينوع في الاخذ باراء وتصورات دون قواعد فقهية ثابتة .
في ختام التلقي ، اهدي هذا المقال الى من علمني أستاذي مصطفى قلوش
Enregistrer un commentaire