عبد
الاله دريف
باحث في الدراسات
السياسية والدولية.
التأصيل الدستوري لمشروع
القانون التنظيمي للجهة الجديد.
المقالة الأولى:
ملاحظات دستورية بين صحة المسطرة، ومخالفة الشكل
لقصد الدستور .
بعدما توصلنا - في احدى المقالات السابقة- الى أن
المشرع الدستوري قد
سكت عن إقرار من تكون له أحقية طرح القوانين التنظيمية بين البرلمان ورئيس الحكومة. فانه يظهر لنا أن للحكومة وللبرلمان معا، الحق في طرح القوانين المتعلقة بالجماعات
الترابية للمناقشة في احد مجلسي البرلمان. (وهو أمر مبني على عدم تجاوز الإحالة الضمنية للفصل 84 في فقرته الثانية الى احكام الفصل 84 في فقرته الاولى و ليس الى الفصل 78 في فقرته الثانية).
سكت عن إقرار من تكون له أحقية طرح القوانين التنظيمية بين البرلمان ورئيس الحكومة. فانه يظهر لنا أن للحكومة وللبرلمان معا، الحق في طرح القوانين المتعلقة بالجماعات
الترابية للمناقشة في احد مجلسي البرلمان. (وهو أمر مبني على عدم تجاوز الإحالة الضمنية للفصل 84 في فقرته الثانية الى احكام الفصل 84 في فقرته الاولى و ليس الى الفصل 78 في فقرته الثانية).
أما على مستوى القوانين التنظيمية، فهي لا تطرح مشكلة في هذا الصدد، حيث
انها تنحو نفس المنحى مع القوانين العادية المتعلقة بالجماعت الترابية، فأمكن اذا
تقديمها كمشروع أو كمقترح على حد سواء. غير ان ما يطرح الإشكالية الجديدة، بعدما
راج الحديث عن تقديم وزارة الداخلية لمشروع قانون تنظيمي للجهة لمجموعة من الاحزاب
السياسية التي تروم طرحه على البرلمان كمقترح هو مايلي :
أولا : تقديم وزارة
الداخلية للمشروع مسطرة سليمة و لاتدخل في اطار الدستور و لا تخرقه.
وفي
اطار تتبعنا لمختلف الأراء حول هذه المسألة، وقفنا عند رأي لزم دحضده وانتقاده..
لضرورة تقويمية وتصحيحية.
ويذهب أصحاب هذا الرأي الى إضفاء صفة الخرق
السافر للمقتضيات الدستورية على ماقامت به وزارة الداخلية من تقديمها لمشروع
قانون تنظيمي للجهة لمصلحة أحزاب سياسية ترمي بدورها تقديمه الى البرلمان من اجل
مناقشته وفق احكام الفصل 85 في فقرته
الاولى.
واذا ما علمنا بأن مقترحات
القوانين يتم تقديمها من طرف احدى غرف البرلمان، والمشاريع يتم تقديمها من طرف
الحكومة ممثلة برئيسها حسب مقتضيات الفصل 78(الفقرة الاولى)، فإن ذلك يعني انه لا
أحد دون هؤلاء الثلاثة من حقه التقدم بمقترح او مشروع قانون كيفما كان ولو تفويضا،
باستثناء الحق التوفويضي لرئيس الحكومة وفق مقتضيات الفصل 91 الخاص بالتعيين وحده.
وبالرجوع الى الرأي أعلاه فهو رأي خالف الصواب
لعلل كثيرة، أبرزها أن الدستور انطلاقا من تعريفه الشكلي، يُظهر لنا تقيده بحدود
قانونية تتجلى في مقتضيات الوثيقة الدستورية، أي أن مالا تنص عليه الوثيقة الدستورية
لا يمكن اعتباره بتاتا مقتضى دستوري، وبناء عليه لا يمكن اعتبار التصرفات السياسية
التي لا ينص عليها الدستور امرا خارقا للدستور لمجرد انعدام التنصيص عليها في
الدستور.
ولما كانت وزارة الداخلية قد قدمت القانون التنظيمي إلى الاحزاب كعريضة غير
ملزمة، وليس كمشروع قانون يدخل في اختصاص رئيس الحكومة فإن تصرف وزارة الداخلية في
تقديمها هذا يكون امر سليما لا يمكن تعليله ولا تجريحه.
الا أنه ورغم كل هذا فوزارة الداخلية وتلك الاحزاب السياسية في نسخة مسودة
القانون التنظيمي للجهة المتوفرة لدينا، قد سقطت في عديد الاخطاء والحُفر
الدستورية التي تبرهن من جديد على التنزيل الغير السليم لمقتضيات الدستور الجديد !
ثانيا: القوانين
التنظيمية للجماعات الترابية وليس القانون التنظيمي للجهة وأخواتها !!
لقد نشأ النقاش أخيرا حول ما يسمى بالقانون التنظيمي للجهة، ولعل مسألة
الجهوية وان كانت ذات أهمية في المغرب خاصة مع خطاب جلالة الملك في 03 يناير2010، فانها
أوقعت الذين اقترحوا هذا القانون في متاهة لم يوفقوا فيها بين مقتضيات الدستور
الجديد والتوجهات العامة للمملكة. فدفع بهم ذلك الى محاولة إصدار قانون تنظيمي
جديد لا يوجد في الدستور الجديد !
هل هناك قانون تنظيمي
يسمى القانون التنظيمي للجهة ؟؟
إن
المقارن لكل من الدستور المغربي المعدل في 2011 والدستور المعدل في 1996 يلحظ من
جهة القوانين التنظيمية، الحظور المكثف لهذه القوانين في الدستور الجديد حيث يصل
عددها الى عشرين قانون تنظيمي، مقابل تسعة قوانين تنظيمية في دستور 1996. موزعة في
فصول الدستور .
وبخصوص
الجماعات الترابية التي تشمل الجهات والعمالات والاقاليم والجماعات حسب الفصل 135(الفقرة
الاولى) من الدستور الحالي، فانها وإن لم تنظم بقانون تنظيمي في اطار دستور 1996، فان الامر اصبح مختلفا
تماما مع دستور 2011 عندما نص الفصل 146 على ترسانة من المقتضيات المتعلقة
بالجماعات الترابية، والتي تدخل في نفس الوقت ضمن قانون تنظيمي واحد بصريح النص. كمايلي
: " تحدد بقانون تنظيمي بصفة خاصة :
- شروط تدبير الجهات والجماعات الترابية لشؤونها
بكيفية ديمقراطية، وعدد اعضاء مجالسها، والقواعد المتعلقة باهلية الترشيح، وحالات التنافي،
وحالات منع الجمع بين الانتدابات، وكذا النظام الانتخابي، وأحكام تحسين تمثيلية
داخل المجالس المذكورة ;
- شروط تنفيذ
رؤساء مجالس الجهات ورؤساء مجالس الجماعات الترابية الأخرى لمداولات هذه المجالس ومقرراتها،
طبقا للفصل 138 ;
- شروط تقديم العرائض المنصوص عليها في
الفصل 139، من قبل المواطنات والمواطنين والجمعيات;
- الاختصاصات
الذاتية لفائدة الجهات والجماعات الترابية الأخرى، والاختصاصات المشتركة بينها وبين
الدولة والاختصاصات المنقولة إليها من هذه الأخيرة طبقا للفصل 140;
- النظام المالي
للجهات والجماعات الترابية الأخرى ;
- مصدر الموارد
المالية للجهات وللجماعات الترابية الأخرى، المنصوص عليها في الفصل 141 ;
- موارد وكيفيات
تسيير كل من صندوق التأهيل الاجتماعي وصندوق التضامن بين الجهات المنصوص عليها في الفصل
142 ;
- شروط وكيفيات
تأسيس المجموعات المشار إليها في الفصل 144;
- المقتضيات الهادفة
إلى تشجيع تنمية التعاون بين الجماعات، وكذا الآليات الرامية إلى ضمان تكييف تطور التنظيم
الترابي في هذا الاتجاه ;
- قواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدإ
التدبير الحر، وكذا مراقبة تدبير الصناديق والبرامج وتقييم الأعمال وإجراءات المحاسبة."
والملاحظ
من هذا النص المنظم للجماعات الترابية، انه لا يقر بمبدأ الفصل بين الجماعات
الترابية، بل إن هذا القانون التنظيمي يشكل مدونة موحدة لمختلف أحكام كل الجماعات
الترابية، وهو الشيء الذي لا يتماشى مع ماقدمته وزارة الداخلية للاحزاب السياسية.
وحتى لو أننا قبلنا هذه الصيغة، - لداعي
الخصوصية المغربية التي إعتمدت هذا التقسيم في ظل دستور 1996 عندما تم اعتماد
قانون 2 ابريل 1997 المنظم للجهة وقانون الجماعات الحضرية والقروية في سنة 2002 ,
وتعديل 00-79 المتعلق بالعمالات والاقاليم ومجالسها في نفس السنة. – فإن المشكلة
تظهر في إعتماد هذه المسودة كقانون تنظيمي، إذ أن هذا الاخير يُحكم بمجموعة
من القيود من بينها ضرورة التنصيص الدستوري على هذه الصفة والتسمية، وهو الذي
لايتوفر في نموذجنا هذا . والتقيد بحدود مانص الدستور على إعتباره كذلك، أي أن
القانون التنظيمي المنصوص عليه في الفصل 146 لا ينبغي عليه ان يتجاوز، الحدود
الدستورية مضومنا من حيث لا يجب أن ينص على شيء يخرج عن مجال الجماعت
الترابية كأن يضيف جماعة ترابية مثلا. وشكلا من حيث لا يجوز أن تتجاوز
تقسيماته التقسيم الدستوري، اي ان هذا القانون التنظيمي لا يجوز له حذف او اضافة
شيء على التقسيمات التسع في الفصل 146 ، وهو ما يتقاطع مع مسودتنا هذه .
وبناء على هذه الملاحظات يظهر لنا
ان مسودة وزارة الداخلية تحتاج الى علة أٌقوى تضفي عليها طابع الدستورية وتشفع لها
أمام سلطة القضاء الدستوري .
هل تشفع عبارة الفصل
146 " تحدد بقانون تنظيمي" ؟؟
ومن الحجج التي قد يُحتج بها الى
جانب ما تقدمنا به أعلاه، بغية الدفاع عن توجه وزارة الداخلية هو عبارة الفصل 146
عندما نص على مايلي : " تحدد بقانون تنظيمي". ووجه الإحتجاج بهذ العبارة،
كامن في أن الدستور في تنصيصه على القوانين التنظيمية إنما يقوم بإقران هذا
القانون بموضوعه الذي يشكل في نفس الوقت العنوان المشروع لهذا القانون، أما في
الحالة التي بين أيدينا فلا ينص الدستور فيها على موضوع محدد بمثابة عنوان للقانون
التنظيمي، لذلك فيبقى هذا الفراغ الدستوري مجال يُملأ بقاعدة "العادة
مُحكَّمة" شريطة عدم تجاوز الحدود الشكلية التي اقرها الفصل 146. وبيت
القصيد هنا ظاهر في ان المغرب مادام أنه ألِفَ تجربة التقسيم على طريقة أنواع
الجماعت الترابية، فإن اختيار وزارة الداخلية لمثل هذا الطريق أمر صحيح لا يُشك
فيه دستوريا .
وبالاضافة إلى ذلك، فيمكن اعتبار هذا الموقف سليما من الناحية الدستورية من
زاوية اخرى، إذ ان القيام - فضلا عما سبق - باستعمال قاعدة "وجوب التعميم
اذا انتفى التخصيص" يُرجعنا مباشرة الى عنوان الباب التاسع على اعتبار
الفصل 146 مقتضى يندرج ضمنه، وهو الباب الذي يحمل عنوان "الجهات والجماعت
الترابية الاخرى "، اي ان الفصل 146 قد يشكل فقط مجموعة من المبادئ
والمنطلقات التي يجب ان تتوفر في قانونين تنظيميين الاول : القانون التنظيمي
للجهة، والثاني هو القانون التنظيمي للجماعات الترابية الاخرى. وهذا ما يفيد من
جديد ان موضوع ما قدمته وزارة الداخلية للأحزب شيء سليم من الناحية الدستورية مبدأيا.
صحيح أن هذه الحجة أقوى من سابقتها من حيث التأصيل الدستوري، غير أن
الحقيقة الدستورية أمر ثابت لايمكن التحايل عليها. من خلال أن هذه الحجة لايمكنها
ان تشفع لهذا الموقف لعلل كثيرة أهمها :
اولا : التأويل الصحيح للعبارة .
ثم أنه وبإعمالنا لقاعدة "الأمور
بمقاصدها" أو قاعدة "مقاصد اللفظ على نية اللافظ" وربطها
بقاعدة "وجوب التعميم في إنعدام التخصيص"، فإن الصورة تتضح عندما
نعلم بان نية المشرع الدستوري قد توجهت الى اقرار قانون تنظيمي خاص بالجماعات
الترابية بشكل كلي لا بشكل تقطيعي . ومادام ان الخاص منعدم في اطار الفصل 146 وهو
عَنونة القانون التنظيمي ، فليس قاعدة " العادة المحكّمة" هي
التي تطبق سَبْقاً، بل يجب الرجوع الى العام احتياطا، وهو الباب الذي يندرج
ضمنه الفصل 146، حيث نجده ينص على مايلي : " الجهات والجماعت الترابية
الاخرى". ولعل هذا التنصيص لايدعم تأويل الرأي الاول بوجود قانونين تنظيميين،
بل إن تفسيره الصحيح يمكن ادراكه انطلاقا من الفصل 135 عندما يقول: "الجماعات
الترابية للمملكة هي الجهات والعمالات والاقاليم والجماعات".وهنا نعلم يقينا
بأن نية المشرع الدستوري في عنونة الباب التاسع، ليست تجزيئية بالقدر الذي يطمح
فيها الدستور الى ترسيخ التوجهات العامة المملكة في تقوية دور الجهة ضمن الجماعات الترابية
الاخرى، ولعل هذا مادفعه الى إقران الجهات الى جانب الجماعات الترابية الاخرى،
وبالتالي فيكون الفصل 135 مفسرا لعنوان الباب التاسع، عكس التعارض الذي قد نجده
اذا سلمنا بالتوجه الاول الذي يقضي التمييز بين الجماعات الترابية والجهات.
وتأسيسا
عليه، فان القانون التنظيمي الموجود في الفصل 146 هو قانون تنظيمي واحد لا يمكن
التحايل عليه .
ثانيا : الاستثناء لايوسع في فهمه .
إنه وباعتبار القوانين التنظيمية،
مجموعة من القوانين التي يخصها الدستور بمسطرة خاصة وبرقابة خاصة وبمكانة خاصة ، فانها
تشكل بذلك فرعا مشتقا من القوانين العادية باعتبارها أصل القوانين.
وعن قاعدة الاستثناء لايوسع في فهمه، فيقصد بها التقيد بمجالات الاستثناء
المققرة دون إضافة أمور او نقصها او حتى اصدار تأويلات كثيرة بصددها، لان ذلك
سيؤدي لامحالة الى الدخول في الاصل.
والدليل على اعمال الدستورلهذه القاعدة، كامن
بالدرجة الاولى فيما ماينص عليه الفصل 71، عندما يقول "يختص القانون...
بالتشريع في الميادين التالية...". اي أن للبرلمان عمومية التشريع في اي مجال
يدخل ضمن المقتضيات التي حددها الفصل، والتي تتسم بالعمومية، ودون ان يتقيد بضرورة
اصدار قوانين تحمل عناوينها، عناوين المقتضيات الواردة في الفصل 71 .
وتأسيسا على ذلك فان الفصل 146
على اعتبار تنصيصه على احد القوانين التنظيمية وبالتالي التي تشكل احدى
الاستثناءات على القوانين العادية المنصوص عليها في الفصل 71، فان توسيع أو تقليص
او اضفاء تفسيرات متعددة للفصل كأن يقوم الملزمون بتفعيل هذا الفصل بايراد
المقتضيات التسع في اطار قوانين تنظيمية متعددة، أمر خارق للقاعدة وبذلك خرق
الدستور.
ثالثا: ما يفهم في مخالفة النص
الدستوري.
صحيح ان مسألة الرقابة على دستورية
القوانين، هي مسألة لها مالها من الاهمية، في مختلف الدساتير الحديثة، ذلك انها
تمنح للدستور المكانة العالية، والمرتبة السامقة التي لايجب للقوانين العادية
والتنظيمية وما تحتها، ان تتخطاها. غير ان مايطرح المشكل الرئيسي في هذا الصدد هو
السؤال التالي:
هل يجب ان يُخَالَف النص الدستوري بمضمونه لكي
نقول بعدم الدستورية، أم ان الامر يحتاج الى ان يُخالِف الادنى النص الدستوري بعباراته
لكي نقول بذلك ؟
في الحقيقة ان الاجابة على هذا السؤال، تضع امامنا الحديث عن آليات عمل
القضاء الدستوري بصفة عامة، إذ أن إعتماد أحد المعايير على الاخر دليل على قبول
آثاره على الاثار التي قد تنتج عن الاخر.
والراجح – حسب مانعتقده - هو ضرورة الاعتداد "بمضمون عبارات النص الدستوري، أي الدمج بين المعيارين،
حيث نأخذ بمضمون النص كمنطلق مع إشتراط تجزيئ النص إلى بنود، حيث ان كل بند يحتمل
معنى محققا لا يمكن لاي قانون ان يتجاوزه.
وبالتالي فإذا ربطنا هذه المعطيات بالواقع الدستوري الذي يُؤصِّل لمسألة
الجماعات الترابية، فإننا نجد غالبية مقتضيات الفصل 146 ينص على عبارة "..الجهات
والجماعات الترابية.."، أي ان هذا الفصل يقتضي وضع قانوني تنظيمي يجمع بين
العبارتين معا أي قانون تنظيمي واحد يجمع بين مقتضيات كل الجماعات الترابية مع
تخويل الاهمية الكبرى للجهات. ولعل هذا الأمر هو ما رسخه البرنامج الحكومي المقدم
من قبل حكومة بنكيران أمام مجلسي البرلمان في 2012. في قول " وستولي الحكومة
أهمية خاصة لتمكين الجهات من جهاز تنفيذي قوي قادر على القيام بمهامه..."
وتجدر الاشارة الى اننا لو اعتمدنا معيار مضمون النص لِوَحده لوقعنا في احد
اللبسين الأتيين أو كلاهما :
اللبس الاول : اننا سنكون امام صحة الدمج بين الجماعت الترابية وبين
الجهات فنكون أمام وضع التساوي بينهما، وهذا مايخالف قصد المشرع الدستوري الذي
يخول للجهات مكانة سامية على الجماعات الترابية الاخرى كما اوضحنا سالفا.
أما عن اللبس الثاني: فإنه سيصح إقامة قوانين تنظيمية متعددة او دمج القانون
التنظيمي الوارد في الفصل 146 مع قانون تنظيمي اخر في الدستور، بداعي ان هذه
القوانين مادامت انها لم تغادر مضون النص الدستوري في الفصل 146 فهي موقف صحيح لا
شك فيه ولا ريب. وهذا مايحمل على مايبدوا تناقض صارخا لمسألة خصوصية القوانين
التنظيمية من حيث عددها الذي يكون مُحَدّداً بصريح الدستور.
وهما نتيجتين
مخالفتين للقصد الدستوري مالم يتم دمج هذا المعيار، بالمعيار الشكلي كما اوضحنا في
سابق الكلام.
وحتى أنه لو سلمنا بصحة
الرأي القائل بتعدد القوانين التنظيمية في اطار الفضل 146، وتم نَحْوُ مساره- فإن
أول ما سيعترضنا في هذا الصدد، هو أن القانون التنظيمي الذي نص عليه الفصل
146 لن يدخل ضمن الاطار الذي حدده الفصل
86، أي أنه لن يُتمكن من إصداره، مادام أنه قد صدر في شكل آخر هو قانونين تنظيمين
الاول متعلق بالجهة ولثاني بالجماعات الترابية، فنطرح بناء على ذلك للمكلفين
بتفعيل الدستور السؤال التالي : هل نحن نحتاج حقا الى ابطال مفعول نصين دستوريين
هما الفصل 146 و الفصل 86 من أجل قانون تنظيمي؟ بمعنى آخر متى أصبحت القوانين
التنظيمية تسموا على الدستور ؟
وبعد
هذه الملاحظات الشكلية حول هذا الذي قدمته وزارة الداخلية لبعض الاحزاب السياسية،
وجب التركيز على مضمون هذه العريضة، التي تبين لنا مدى عدم دستوريتها في الحالة
التي اقررنا فيها بحجج الرأي الذي يذهب في اتجاه صحة هذه العريضة او سمسها ان شئت
مسودة.. لكن تفضيلا منا في هذا الصدد نقترج تأجيل الحديث عن هذه الامور في الجزء
الثاني من هذه المقالة.
Enregistrer un commentaire